أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

الآداب العامة للمجتمع خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو للدكتور خالد بدير

خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو : الآداب العامة للمجتمع وأثرها في رقيه ونهضته ، للدكتور خالد بدير ، بتاريخ بتاريخ : 9 ذو القعدة 1440هـ – 12 يوليو 2019م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو : الآداب العامة للمجتمع وأثرها في رقيه ونهضته ، للدكتور خالد بدير ، وعناصرها:

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو :الآداب العامة للمجتمع وأثرها في رقيه ونهضته ، للدكتور خالد بدير ، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو : الآداب العامة للمجتمع وأثرها في رقيه ونهضته ، للدكتور خالد بدير ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو : الآداب العامة للمجتمع وأثرها في رقيه ونهضته ، للدكتور خالد بدير : كما يلي:

عناصر خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو : الآداب العامة للمجتمع وأثرها في رقيه ونهضته ، للدكتور خالد بدير :

 

خطبة الجمعة القادمة 12 يوليو : الآداب العامة للمجتمع وأثرها في رقيه ونهضته

العنصر الأول: الآداب الأخلاقية

العنصر الثاني: الآداب الاجتماعية

العنصر الثالث: الآداب الوطنية

العنصر الرابع : أثر الآداب العامة في رقي المجتمع ونهضته

المقدمة:                                            أما بعد:

 

الآداب العامة للمجتمع وأثرها في رقيه ونهضته

العنصر الأول: الآداب الأخلاقية من الآداب العاملة للمجتمع

عباد الله: إن للأخلاق أهمية كبرى في بناء الأمم والحضارات؛ ولهذا حصر النبي – صلى الله عليه وسلم – بعثته في مكارم الأخلاق فقال:” إنَّما بُعِثْتُ لأُتَمَّمَ صالحَ  الأخلاقِ” [أحمد والبيهقي والحاكم وصححه]. قال المناوي: “أي أُرسلت لأجل أن أكمل الأخلاق بعد ما كانت ناقصة، وأجمعها بعد التفرقة.” وقد وقف العلماء عند هذا الحديث قائلين: لماذا حصر النبي بعثته في مكارم الأخلاق مع أنه بعث بالتوحيد والعبادات وهي أرفع منزلة وأهم من الأخلاق؟!!

والجواب: أن التوحيد والعبادات شرعت من أجل ترسيخ مكارم الأخلاق بين أفراد المجتمع، فالغاية والحكمة الجليلة من تشريع العبادات هي غرس الأخلاق الفاضة وتهذيب النفوس؛ كما هو معلوم في الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها .

ولأهمية الأخلاق أصبحت شعاراً للدين ( الدين المعاملة ) فلم يكن الدين صلاة ولا زكاة ولا صوم فحسب .

قال الفيروز آبادي -رحمه الله تعالى-: “اعلم أن الدين كله خلق، فمن زاد عليك في الخلق؛ زاد عليك في الدين”.

لذلك يجب على مجموع الأمة التحلي بمكارم الأخلاق مثل الصدق والأمانة والصبر والإخلاص والتقوى وغيرها من الصفات الحميدة التي تدل على سلوك المجتمع المسلم الصحيح القويم؛ فقوام الأمم والحضارات بالأخلاق وضياعها بفقدانها لأخلاقها، يقول أمير الشعراء أحمد شوقي:    

              إنما الأممُ الأخلاقُ ما بقيت …………فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا

وقال:    

               وَإِذا أُصـــيــبَ الـــقَــومُ فـــــي أَخــلاقِــهِـم………. فَـــــأَقِـــــم عَـــلَـــيــهِــم مَــــأتَـــمـــاً وَعَـــــويــــلا

وقال:    

  صَـلاحُ أَمْـرِكَ لِلأَخْـلاقِ مَرْجِعُـهُ…………… فَقَـوِّمِ النَّفْـسَ بِالأَخْـلاقِ تَسْتَقِـمِ

لذلك أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن حسن الخلق طريق إلى الجنة ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ:” تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ” وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ؟ فَقَالَ:” الْفَمُ وَالْفَرْجُ” [ أحمد والترمذي وصححه ].

وقد وقفت كثيراً عند هذا الحديث متسائلاً: لماذا اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث على هذين الأمرين ؟!

قال العلماء في ذلك : لأن تقوى الله تصلح ما بينك وبين الله ؛ فتمتثل الأوامر وتنتهي عن المحرمات !!

وحسن الخلق يصلح ما بينك وبين الناس ؛ فلا تكذب على أحدٍ ؛ ولا تخون أحداً ؛ ولا تحقد على أحدٍ …… إلخ

عباد الله: إن لحسن الخلق – لو امتثلناه – ثمرات وفوائد تعود على صاحبه ومجتمعه في الدنيا والآخرة وتتمثل فيما يلي: –

أولاً: محبة الخلق:

فإن الفرد إذا حسنت أخلاقه أحبه الناس وأقبلوا على معاملته والزواج منه ؛ واشتهر بصدقه وأمانته؛ وهذا الذي دفع السيدة خديجة – رضي الله عنها – إلى اختيار الرسول – صلى الله عليه وسلم – ليتجر في مالها ثم الزواج منه  لصدقه وأمانته؛ فقد كان مشهورا بين قريش بالصادق الأمين؛ وكل هذا قبل البعثة !!

ثانياً: حسن الخلق قوام الحضارات:

فالحضارات والأمم تبني على التعاون والتشارك والصدق والأمانة في البيع والشراء وسائر القيم والأخلاق الفاضلة؛ أما إذا انتشر الكذب والنفاق والغش والخداع والتضليل والقهر والظلم والربا والاحتكار؛ وانتشرت الجرائم من السرقة والزنا والقتل والتفجير والتخريب فأنى لقيام الحضارات؟!!

ثالثاً: حسن الخلق من كمال الإيمان:

فصاحب الأخلاق الحسنة يكون كامل الإيمان؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا؛ وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقًا.” [أحمد وأبو داود والترمذي وصححه]. قال المباركفوري: ” أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا “: لأن كمال الإيمان يوجب حسن الخلق والإحسان إلى كافة الإنسان، ” وخياركم خياركم لنسائهم “: لأنهن محل الرحمة لضعفهن.

رابعاً: صاحب الأخلاق الحسنة رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة:

فعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: الْمُتَكَبِّرُونَ” [الترمذي وحسنه].

خامساً: حسن الخلق يثقل الموازين يوم القيامة:

فعَنْ أَبِي الدرداء -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم ” مَا مِنْ شَيْءٍ فِي اَلْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ اَلْخُلُقِ” ( أَبُو دَاوُدَ).

سادساً: حسن الخلق طريقٌ إلى الجنة:

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ:” تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ” وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ؟ فَقَالَ:” الْفَمُ وَالْفَرْجُ” [ أحمد والترمذي وصححه ]، وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ”[ أبو داود والبيهقي والطبراني والترمذي وحسنه ].

سابعا: حسن الخلق وقاية من النار:

فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ؟! عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ سَهْلٍ” [الترمذي وحسنه].

ثامناً: حسن الخلق سبيل لرفع الدرجات:

فحسن الخلق يرفع العبد منزلة عند الله حتى يبلغ درجة الصائم القائم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”إِنَّ الْعَبْدَ لَيَبْلُغُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ” [أحمد وأبودواد والطبراني والحاكم وصححه].

هذه هي ثمرات حسن الخلق وفوائده في الدنيا والآخرة؛ إذا طبقناها عملياً على أرض الواقع فإننا نبني مجتمعاً فاضلاً راقياً متحضراً ؛ وبذلك نفوز بسعادة العاجل والآجل معاً .

العنصر الثاني: الآداب الاجتماعية من الآداب العامة للمجتمع

عباد الله : هناك عدة آداب اجتماعية تعمل على بناء المجتمع المسلم القويم المتكافل المتعاون وهذه الآداب تتمثل فيما يلي:

آداب الاستئذان : والاستئذان له آداب كثيرة منها : أن يبدأ بالسلام ؛ فعَنْ رِبْعِيٍّ قَالَ : حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتٍ فَقَالَ : أأَلِجُ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِخَادِمِهِ : ” أخْرُجْ إِلَى هَذَا فَعَلِّمْهُ الاِسْتِئْذَانَ ، فَقُلْ لَهُ : قُلِ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، أَأَدْخُلُ ” ، فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، أَأَدْخُلُ ؟ فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ ” [  أبو داود وأحمد بسند صحيح] .

ومنها أن يغض بصره :

فلا يطلق بصره في وسط البيت قبالة الباب ؛ ولكن يقف عن اليمين أو الشمال؛ فعَنْ سَهْلِ بن سَعْدٍ ، أَنَّ رَجُلا اطَّلَعَ فِي جُحْرٍ فِي بَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْتَظِرُنِي، لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ السِّتْرُ لِلإِذْنِ”أَوْ قَالَ:”مِنْ أَجْلِ النَّظَرِ”. ( متفق عليه ) .

ومنها : أن يستأذن ثلاثاً : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ” إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلاَثاً فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ ، فَلْيَرْجِعْ ” [ متفق عليه ] . قال مالك رحمه الله : ” الاستئذان ثلاثاً ، لا أحب أن يزيد أحد عليها ، إلا من علم أنه لم يُسمع ، فلا أرى بأساً أن يزيد ، إذا استيقن أنه لم يسمع ” [ التمهيد لابن عبد البر 3/192 ] . ولا بأس بالزيادة إذا علم أن أهل البيت لم يسمعوا .

ومنها : أن يستأذن على الجميع بلا استثناء حتى الأم نفسها:

فعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي؟ فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي مَعَهَا فِي الْبَيْتِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي خَادِمُهَا. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا أَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهَا عُرْيَانَةً؟! قَالَ: لَا. قَالَ: فَاسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا.” (مالك والبيهقي مرسلاً) .

ومنها : أن يعرف المستأذن نفسه : فلا يقل : أنا ، لأن أنا ليس فيها تعريف بالمستأذن ، فقول أنا : لم تفد شيئاً . فعن جَابِر رضي الله عنه قال : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَى أَبِى ، فَدَقَقْتُ الْبَابَ فَقَالَ : ” مَنْ ذَا ” ، فَقُلْتُ : أَنَا ، فَقَالَ : ” أَنَا ، أَنَا ” ، كَأَنَّهُ كَرِهَهَا ” [ متفق عليه ] .

ومن الآداب العامة للمجتمع : قيام الأغنياء بواجبهم نحو الفقراء :

فمن ينظر إلى المجتمع يجد فيه فقراء ومعدمين؛ وبؤساء ومجروحين؛ وأصحاب شدة مهضومين؛ وضعفاء مهمَّشين؛ ويجد أن الخلل يكمن في منع حقوقهم من الزكاة؛ لأن الغني منع حق الفقير ؛ فعن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن الله فرض على أغنياء المسلمين في أموالهم بقدر الذي يسع فقراءهم؛ ولن يجهد الفقراء إذا جاعوا وعروا إلا بما يضيع أغنياؤهم ألا وإن الله يحاسبهم حسابا شديدا ويعذبهم عذابا أليما” (الطبراني في الأوسط والصغير والبيهقي موقوفا ) .

فكيف يحدث توازن وتكافل وبناء للمجتمع وقد منع الغني حق الفقير وضن وبخل به؟!!! إن الغني لو منع حق الفقير – المقرر شرعاً ليس منحة ولا تفضلاً- لازداد الغني غنيً والفقير فقراً، واختل التوازن في المجتمع. لذلك قال على رضي الله عنه – أيضاً-: ” ما رأيت نعمة موفورة إلا وإلى جانبها حق مضيّع”، وكما قال الشيخ الشعراوى رحمه الله: ” إذا رأيت فقيراً في بلاد المسلمين .. فاعلم أن هناك غنياً سرق ماله”؛ وقال عمر : “ما تمتع غنيٌّ إلا من جوع فقير”.

أيها المسلمون: والله الذي لا إله غيره؛ لو أن كل غنيٍّ اتقى الله وأخرج زكاته ما وجدت فقيرا في بلاد المسلمين!!!
ومن الآداب العامة للمجتمع : قضاء الحوائج وفعل الخير ومساعدة الضعفاء والمحتاجين:

 وهذه مسألة إنسانية تحدثت عنها كل الشرائع السماوية وجميع الدساتير الأرضية. فعَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً ، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا ، أَوْ تُطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا ، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ ، يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ ، شَهْرًا ، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ ، مَلأَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَلْبَهُ أَمْنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى أَثْبَتَهَا لَهُ ، أَثْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدَمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الأَقْدَامُ “. ( ابن أبي الدنيا في كتاب: قضاء الحوائج، والطبراني وغيرهما، بسند حسن).

وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ”. (رواه الطبراني بسند حسن).

 والمصرع: مكان الموت، فيقي الله من يحسن إلى الناس بقضاء حوائجهم من الموت في مكان سيء أو هيئة سيئة أو ميتة سيئة.

لذلك كثرت أقوال السلف حول الحث على فعل الخير وقضاء الحوائج؛ يقول الحسن البصري رحمه الله: ” لأن أقضي حاجة لأخ أحب إليَّ من أن أصلي ألف ركعة، ولأن أقضي حاجة لأخ أحب إليَّ من أن أعتكف شهرين”.

وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: لأن أعول أهل بيت من المسلمين شهراً أو جمعة أو ما شاء الله أحب إليَّ من حجة، وَلَطَبَقٌ بدرهم أهديه إلى أخ لي في الله أحب إليَّ من دينار أنفقه في سبيل الله”.

وكان علي بن الحسين – رحمه الله – يحمل الخبز إلى بيوت المساكين في الظلام فلما مات فقدوا ذلك ، وكان ناس من أهل المدينة يعيشون ولا يدرون من أين معاشهم؟! فلما مات علي بن الحسين فقدوا ذلك الذي كان يأتيهم بالليل .

ومن الآداب الاجتماعية : التعاون والتشارك في الخير والبر:

قال تعالي:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}( المائدة: 2)؛ يقول الطاهر بن عاشور: ” أي: ليعن بعضكم بعضا على البر والتقوى . وفائدة التعاون تيسير العمل ، وتوفير المصالح ، وإظهار الاتحاد والتناصر، حتى يصبح ذلك خلقا للأمة .وقوله: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) تأكيد لمضمون وتعاونوا على البر والتقوى لأن الأمر بالشيء، وإن كان يتضمن النهي عن ضده، فالاهتمام بحكم الضد يقتضي النهي عنه بخصوصه. والمقصود أنه يجب أن يصد بعضكم بعضا عن ظلم قوم لكم نحوهم شنآن” (التحرير والتنوير) .

فالتعاون والتشارك  يجعل الجميع كالفرد الواحد وكالجسد الواحد؛ تسعد الأعضاء كلها بسعادته وتحزن لحزنه، فعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :”مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى”(مسلم) .

وعَنْ أَبِي مُوسَى؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

” إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ.” (متفق عليه)؛ وهنا تصوير بلاغي للتضامن بين أفراد المجتمع صوره لنا النبي صلى الله عليه وسلم ؛ حيث شبه الأفراد باللبن في الجدار؛ وشبه المادة التي تمسك اللبن وتشد بعضه بعضا وهي ( الأسمنت المخلوط بالرمل – المونة ) بالعلاقات والتضامن الذي بين أفراد المجتمع؛ فإذا فسدت المادة التي تمسك البنيان وتشده فلا شك أن مصيره إلى زوال وانهيار وهدم ؛ وكذلك العلاقات الإنسانية والأخلاقية والعمل الجماعي والتضامن بين أفراد المجتمع إذا فسدت فإن المجتمع مصيره كذلك إلى زوال وانهيار وهدم!!!

ومن الآداب الاجتماعية : حفظ اللسان:

وذلك بأن لا تتكلم إلا في الخير ؛ وتمسك لسانك عن كل شر ؛ فللكلمة أهميتها في دين الإسلام، فقد ترفع صاحبها أعلى الدرجات، وقد تهوي به في النار دركات، ففي صحيح البخاري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ ».

بالكلمة رفع الله أقوامًا، وحط بها آخرين، بها عُدِّلَ من عُدلَ، وبها جُرحَ مَنْ جُرح، فبالكلمةِ يدخل العبد في الإسلام، وبها يخرج، وبها يفرَّق بين الحلال والحرام، وبها تنفَّذ الأحكام، وبها تُستحَلُّ الفروج، وبها تحرم، وبها يجلد القاذف، وبها ينطق الشاهد، وبها ينصر المظلوم، ويقتص من الظالم، وبها يُؤمر بالمعروف، ويُنْهى عن المنكر، وبها يقرأ القرآن، ويسبَّحُ الرحمن، وبها يجرح اللئيم، ويعدل الكريم، وبها تثبت الحقوق، وتُحقن الدماء، وبها تشتعل الحروب، وبها تتوقف، وبها يتم البيع وينفسخ.

ومن حصاد اللسان الشائعات ؛ فهي من الأمراض الاجتماعية المدمرة التي ابتليت بها الأمم:

فنقل الأخبار الكاذبة والشائعات دون التثبت منها مرض اجتماعي خطير له أثر خبيث في إفساد القلوب، وإثارة الشحناء، ونشر العداوات،، ذلكم المرض هو مرض الإشاعات، أو مرض الشائعات، الإشاعات المختلقة فيسمعون كلمة واحدة، فيزيدون عليها مائة كلمة، ثم ينقلها الناس في الآفاق، وينقلها بعضهم إلى غيرهم حتى تصبح إشاعةً يسير بها بين القاصي والداني، ويؤدي إلى توهين العزائم؛ بالإضافة إلى الأذى الذي يحدثه في أعماق النفوس!!

الشائعات والأراجيف تعتبر من أخطر الأسلحة الفتاكة والمدمرة للمجتمعات والأشخاص بل قد تكون مِعْوَل هدم للدين من الداخل أو الخارج، فهي أشد من القتل؛ وصدق الله تبارك وتعالى إذ يقول { وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ } [البقرة: 191] ويقول في آية أخرى { وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ } [البقرة: 217].

أكبر من القتل لأن القتل يقع على نفس واحدة ويهدر نفساً معصومة أما الفتنة أو الإشاعة فإنها تهدم مجتمعاً بأكمله وتقضي على كل الفضائل فيه ؛ فالإشاعة بنت الجريمة وأشد من القتل ؛ وخطرها لا يقل خطراً عن خطر المخدرات والآفات ؛ وإذا كان هناك من يسعى إلى خلط الأوراق وتدمير البلاد بالتفجيرات واستهداف التجمعات وتفخيخ الأماكن العامة والمساجد والطرقات؛ فإن هناك أيضاً من ينحر المسلمين بنشر الإشاعات ويوهن عزائمهم بتلفيق المعلومات وكل هذا وهذا مرفوض وغير مقبول به.

عباد الله:

إن المسلم العاقل يجب عليه أن يتثبت من المعلومات إذا سمعها ويتأكد من صحتها قبل نشرها ويوزن الكلام بميزان العقل الصحيح السليم قبل أن يقوله ويذيعه؛ لا أن يسارع في نشر الإشاعات وتلفيق الأراجيف والكاذبات فإن الله سبحانه وتعالى يقول :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } [الحجرات: 6].

ولنا في رسول الله أسوة حسنة في تثبته من الأخبار ؛ حيث أنه في غزوة الخندق أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- السعدين للتأكد من نقض اليهود للعهد. بل ذهب بنفسه ليستيقن الخبر .

من كل هذه المواقف نتعلم أنه عندما تشاع شائعة عن أحد أمامنا يجب أن نحسن الظن بالآخر وألا نصدق ناقل الإشاعة وأن نبغضه في الله؛ لأنه بغيض إلى الله ورسوله؛ وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم:” إِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ، الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الأَحِبَّةِ.”(أحمد والطبراني بسند صحيح).

العنصر الثالث: الآداب الوطنية

أي الآداب التي تتعلق بالوطن الذي نعيش فيه ؛ ومنها :

الإيجابية: فالإسلام يحرص على أن يكون المسلم عضواً فعالاً إيجابياً منتجاً؛ نافعاً لنفسه وأهله ومجتمعه؛ فلا يكون إمعةً ؛ فَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا وإِن أساؤوا فَلَا تظلموا “. (الترمذي) .

 إننا لا نبالغ إذا قلنا أن الإيجابية هي الحياة؛ أو هي الدين كله؛ فالدين لم يقم في أرضه علي السلبية والخمول والتقاعس والكسل؛ وإنما قام علي الإيجابية؛ وإن شئت فقل الذاتية منذ أن خاطب الله نبيه فقال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ }( المدثر: 1 – 7 )

ومن هذه الآداب: إتقان العمل:

فقيمة إتقان العمل في الإسلام قيمة عليا ، يجب مراعاتها في السلوك الاقتصادي لبناء الوطن، وقيمة إتقان العمل توصل العبد إلى محبة الله تعالي ، يقول صلى الله عليه وسلم:” إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه.”( الطبراني ) .

ولقد أحسن من قال:                    إذا عمل المرءُ المكلف مرةً  …. عملًا فإنّ العيبَ ألّا يحسنه

            فقـــــدْ ذكرَ المختارُ أنّ إلهنَا ….. يحــــــبُّ لعبدٍ خافَهُ أنْ يتقنَه

ومن هذه الآداب: حب الوطن والتضحية من أجله:

 والدفاع عنه ؛ ومراعاة الحقوق والواجبات بينك وبين الوطن ؛ فالمسلم الحقيقي يكون وفيًّا أعظم ما يكون الوفاء لوطنه، محبًّا أشد ما يكون الحب له، مستعدًا للتضحية دائمًا في سبيله بنفسه ونفيسه، ورخيصه وغاليه، فحبه لوطنه حب طبيعي مفطور عليه، حب أجل وأسمى من أن ترتقي إليه شبهة أو شك، حب تدعو إليه الفطرة، وترحب به العقيدة، وتؤيده السنة، وتجمع عليه خيار الأمة؛ فيا له من حب !

قيل لأعرابي: كيف تصنعون في البادية إذا اشتد القيظ (الحر) حين ينتعل كل شيء ظله؟! قال: “يمشي أحدنا ميلاً، فيرفض عرقًا، ثم ينصب عصاه، ويلقي عليها كساه، ويجلس في فيه يكتال الريح، فكأنه في إيوان كسرى”. أي حب هذا وهو يلاقي ما يلاقي!! إنه يقول: أنا في وطني بهذه الحالة مَلِكٌ مثل كسرى في إيوانه.

عباد الله :

يجب على كل مسلم أن يحب وطنه، ويتفانى في خدمته، ويضحي للدفاع عنه؛ فحب الوطن والدفاع عنه لا يحتاج لمساومة؛ ولا يحتاج لمزايدة؛ ولا يحتاج لشعارات رنانة؛ ولا يحتاج لآلاف الكلمات؛ أفعالنا تشير إلى حبنا، حركاتنا تدل عليه؛ حروفنا وكلماتنا تنساب إليه، أصواتنا تنطق به؛ طموحاتنا ترتبط به، لأجل أرض وأوطان راقت الدماء؛ لأجل أرض وأوطان تشردت أمم، لأجل أرض وأوطان تحملت الشعوب ألواناً من العذاب؛ لأجل أن نكون منها وبها ولها؛ وإليها مطالبون أينما كنا أن نحافظ عليها !!

حب الوطن والتضحية من أجله هو واقع يستحق أن نعمل بحب وتفان من أجل المحافظة عليه لأنه أثمن ما في وجودنا وانتمائنا، فالوطن هو التاريخ والحضارة والتراث، وهو الذي سكن جسدنا وروحنا وذاكرتنا، ومن أجله وخاصة في هذه الفترة العصيبة نحتاج إلى العمل من دون مقابل، لأن الوطن فوق كل شيء.

ومن هذه الآداب: آداب الطريق والمرافق العامة:

وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم آداب الطريق وحقوقه في حديث جامع شامل مانع؛ فعن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: « إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ، فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ »؛ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

وأخرج الطبراني من حديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « مَنْ آذَى المُسْلِمِينَ في طُرقِهِمْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَعْنَتُهُمْ ». ويدخل في الأذى من يؤذي المارة بدخان سيجارته، وقد ورد نهي صريح عن النوم في الطريق؛ لأن الطريق للمرور وليس محلا للنوم.

بل ينبغي على المسلم أن يرفع عن الطريق ما يؤذي المارة من حجر أو شوك أو كل ما يسبب ضررًا بالآخرين، وهذا من كمال الإيمان وإحدى شعبه؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

«الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله؛ وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان».(مسلم)؛ بل عده النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الصدقات فقال:”كُلُّ سُلَامَى مِنْ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ قَالَ: تَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ؛ وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ؛ قَالَ: وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ وَكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ؛ وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ”(مسلم)، بل إن ذلك قد يكون سببا في دخولك الجنة؛ قال صلى الله عليه وسلم:

«نَزَعَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَط غُصْنَ شَوْكٍ عَنِ الطَّرِيقِ إِمَّا كانَ في شَجَرَةٍ مُقَطَّعَةٍ فَأَلْقَاهُ، وَإِمَّا كانَ مَوْضُوعًا فَأَمَاطَهُ فَشَكَرَ الله لَهُ بِهَا فَأَدْخَلَهُ الجَنَّةَ».( البخاري ومسلم) .

يقول الإمام بدر الدين العيني:

« اعْلَم أَن الشَّخْص يُؤجر على إمَاطَة الْأَذَى، وكل مَا يُؤْذِي النَّاس فِي الطَّرِيق، وَفِيه دلَالَة على أَن طرح الشوك فِي الطَّرِيق وَالْحِجَارَة والكناسة والمياه الْمفْسدَة للطرق وكل مَا يُؤْذِي النَّاس يخْشَى الْعقُوبَة عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَلَا شكّ أَن نزع الْأَذَى عَن الطَّرِيق من أَعمال الْبر، وَأَن أَعمال الْبر تكفر السَّيِّئَات وتوجب الغفران، وَلَا يَنْبَغِي للعاقل أَن يحقر شَيْئا من أَعمال الْبر، أما مَا كَانَ من شجر فَقَطعه وألقاه، وَأما مَا كَانَ مَوْضُوعا فأماطه، وَالْأَصْل فِي هَذَا كُله قَوْله تَعَالَى: {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} (الزلزلة: 7). وإماطة الْأَذَى عَن الطَّرِيق شُعْبَة من شعب الْإِيمَان. ».( عمدة القاري ).

العنصر الرابع : أثر الآداب العامة في رقي المجتمع ونهضته

عباد الله: مما لا شك فيه أن أفراد المجتمع لو تمسكوا بهذه الأقسام الثلاثة من الآداب العامة ؛ وطبقوها عملياً على أرض الواقع ؛ فإننا بحق ننشد مجتمعاً فاضلاً تسوده أواصر الحب والإخلاص والصدق والوفاء والبر والإحسان والتعاون وجميع القيم النبيلة والمعاني السامية .

إننا نحتاج إلي التطبيق العملي لهذه المعاني كلها ؛ فالتطبيق العملي أبلغ من القول ؛ وهناك حكمة تقول: فعل رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل لرجل . ومعناها أن الأفعال أقوى تأثيراً من الكلام ؛ فلو أن رجلاً فعل موقفاً أخلاقياً يدل على الأمانة مثلاً سيكون أقوى بشدة في آلاف الناس من ألف محاضرة يلقيها إنسان عن الأمانة .

أيها المسلمون:

إن الفتح العسكري لم يكن هو الطريقة الوحيدة التي انتشر بها الإسلام في العالم، ولكن دخل الإسلام بلادًا عديدةً عن طريق الدعوة التي كان يمارسها التجار المسلمون؛ عندما يرى الناس أخلاق التجار المسلمين وصدقهم في الحديث وأمانتهم؛ فيُعجبوا بالإسلام ويدخلوا فيه، وكان ذلك سبباً في نشر الإسلام في أكبر الدول الإسلامية الآن كإندونيسيا وماليزيا والصين والهند وباكستان وأفغانستان والجمهوريات الروسية وكل دول وسط وجنوب أفريقيا؛ هذه الأخلاق التي كان لها بعد كبير على رواج دعوة الإسلام في كل بقاع العالم؛ وما أجمل قول أحدهم: “ لا تحدثني عن الدين كثيراً ، ولكن دعني أرى الدين في سلوكك وأخلاقك وتعاملاتك “ .

وسأحكي لكم قصة تدل على مدى الانفصام والانفصال بين النظرية والتطبيق؛ وإن شئت فقل بين الواقع والمأمول في الجانب الأخلاقي:

شاب يعمل في دولة أجنبية، فأعجبته فتاة أجنبية فتقدم لخطبتها وكانت غير مسلمة، فرفض أبوه لأنها غير مسلمة، فأخذ الشاب مجموعة من الكتب تظهر سماحة الإسلام وروحه وأخلاقه ثم أعطاها لها، طمعاً في إسلامها وزواجها، فطلبت منه مهلة شهرين تقرأ الكتب وتتعرف على الإسلام وروحه وأخلاقه وسماحته، وبعد انتهاء المدة تقدم لها فرفضته قائلة: لست أنت الشخص الذي يحمل تلك الصفات التي في الكتب، ولكني أريد شخصاً بهذه الصفات.

ويحزنني قول أحد العلماء المسلمين لما سافر إلى دول الغرب ووجدهم يطبقون تعاليم الإسلام قائلاً: وجدت هناك إسلاماً بلا مسلمين وهنا مسلمين بلا إسلام .

أسأل الله العلي العظيم أن يرد المسلمين إلى دينه مرداً جميلاً ؛؛

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ؛ واصرف عنها سيئها فإنه لا يصرف عنا سيئها إلا أنت ؛؛؛

  الدعاء،،،،،                                                      وأقم الصلاة،،،،،

كتب : الآداب العامة للمجتمع وأثرها في رقيه ونهضته : خادم الدعوة الإسلامية

د / خالد بدير بدوي

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »